أساس نشأة إدارة القضايا و مركزها القانوني
أُنشئت إدارة القضايا في ليبيا بالقانون رقم 87 لسنة 1971 الصادر بتاريخ 30. 10. 1971 لتكون أداة الدفاع الوحيدة عن الجهات العامة في الدولة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى سائر المحاكم و الهيئات الأخرى التي يخولها القانون اختصاصًا قضائيًّا وفي غير ذلك من الإجراءات القضائية سواءً في الداخل أو الخارج، وهي بهذه المثابة يمكن اعتبارها محامي الدولة و الجهات العامة الأخرى تمييزًا لها عن أدوات الدفاع الأخرى القائمة في النظام القضائي الليبي كالمحاماة العامة التي ينظمها القانون رقم 4 لسنة 1980 و المحاماة الخاصة التي ينظم أحكامها القانون رقم 10 لسنة 1990 و من بعده القانون رقم 3/2014 بحسبانهما يدافعان عن مصالح الأشخاص الخاصة سواءً كانت طبيعية أم اعتبارية .
وقد أدرج المشرع الليبي إدارة القضايا ضمن الهيئات القضائية وألحقها بالمجلس الأعلى للهيئات القضائية و نصّ على خضوع الأوضاع الوظيفية لأعضائها للأحكام المقررة لنظرائهم في النيابة العامة و القضاء بقانون نظام القضاء .
ومن الملاحظ أن التسمية التي أطلقت على إدارة القضايا تثير اللبس ؛إذ إن تعبير ( إدارة ) على هذه الهيئة يؤدي إلى الإيهام بأنها جهة إدارية رغم كونها هيئة قضائية ، بل و يوحي بأن أعضاءها موظفون إداريون رغم أنهم أعضاء هيئة قضائية أسندت إليهم مهام الدفاع عن الجهات العامة في الدولة أمام سائر المحاكم ؛ ومن ثمَّ ، فإن دورهم فنيٌّ بحتٌّ ، ينصبُّ على إعداد الدفوع و الطلبات و أوجه الدفاع القانوني فيما يعرض عليهم من منازعات قضائية ؛ ولا شك أن ذلك كله ما يبعث على ضرورة تعديل هذا التعبير و تلك التسمية بما يتلاءم مع الوضع القانوني لهذه الإدارة ،و لعل في إطلاق تسمية ( هيئة قضايا الدولة) ما يبدد أي لبس بهذا الخصوص .
وإذا كان قد وضح لنا الأساس التشريعي لإدارة القضايا حيث يعود للمشرع وحده الأمر في تنظيمها وتحديد دورها بما يكفل أدائها لرسالتها في مجال تخصصها لا يتأتى إلا بدراسـة مجمل الأحكام التي تنظم عمل هذه الإدارة كما أوردها قانون إنشائها رقم 87 لسنـة 1971 م والتي تشيـر في مجموعهـا إلـى المهـام الموكلـة لهـذه الإدارة، وهـي الدفـاع عن الدولـة وهيئاتهـا ومؤسساتهـا ومصالحهـا العامـة أمـام المحاكم بمختلـف درجاتهـا وأنواعهـا والجهـات الأخـرى ذات الاختصـاص القضائي باعتبارهـا محامـي الدولـة أو الجهـات العامـة ، علـى أن هنـاك فارقـاً أساسيـاً بين تمثيـل إدارة القضايا للجهـات العامـة أمـام القضـاء ، وتمثيـل المحامـي الشعبي أو الخـاص لموكله فهذين الأخيريـن يستمدان الحق في مباشرة الإجراءات القضائية نيابـة عن موكليهـم من سند التوكيـل أو الإنابـة بينمـا تستمد إدارة القضايا – ممثلـة في أعضائهـا جمعيـاً – إنابتها عن الجهات العامـة في الدولـة من القانون مباشـرة دونما حاجة لصدور توكيل أو تفويض بذلك من الجهـة المعنيـة طالمـا كانت هذه الجهـة تندرج في عداد الجهات التي تنوب عنها ، وقـد عبـرت المحكمـة العليـا عن هذه المعانـي بقولهـا ” إن مفـاد أحكـام القانـون رقـم 87 لسنه 1971م بشأن إدارة القضايا أن تمثيـل الجهات العامـة أمـام القضـاء مقصـور علـى إدارة القضايـا وتباشـره عن طريق أعضائهـا وهي تستمد نيابتها عن هذه الجهـات من القانـون تباشره دون تكليـف خـاص من أي منها باعتبارهـا مصلحـة عامـة متممة لسائر المصالح والمؤسسـات العامـة في الدولـة .
ويستفاد مما تقدم أن إدارة القضايا لا تبتغى من وراء دفاعهـا عن الجهـات العامـة في الدولـة مصلحـة خاصـة أو ذاتيـة وإنما ترمي إلـى تحقيق مصلحـة المجتمـع والصالـح العـام ، وهـي بهذه المثابـة يمكن اعتبارهـا في مركـز قانونـي متمـم أو مكمـل بالنسبـة للجهـات العامـة التي تتولـى الدفـاع عنهـا يقـوم في أصله على مبـدأ التعـاون والتكامـل بينهمـا بما يؤدى إلـى تحقيق الصالـح المشتـرك وذلـك على النحو المنصـوص عليـه بقانـون إنشائهـا المشـار إليـه .